الجمعة، 9 ديسمبر 2016

التدفق الذهني و حالة التعلم المثلى
قد أعطانا الله سبحانه وتعالى قدرات ذهنية غير عادية وصدق الله إذ يقول 
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمفلماذا لا نشكر نعمة الله علينا ونستغل هذه القدرات بصورة أكبر ومن ناحية أخرى فإن التقدم المذهل الذي نراه اليوم وبخاصة في دنيا المعلومات يجعل الحاجة جبرية لقدرات عقلية متناسبة، وقد يراودك الظن أن انتهاء تعليمك الجامعي يعني نهاية الدراسة والتعلموالحقيقة غير ذلك تماما ، حيث يتعين عليك بعد نيل شهادة التخرج ، التعلم بما يوازي عشرة أضعاف ما درسته في الجامعة .
والذي نحب أن نطمئن به الإخوة القراء أنه يمكن لأي شخص بسهولة مضاعفة قدراته العقلية وعندما تتعلم الطرق العلمية البسيطة الموجزة لاستغلال قواك العقلية فإن استخدامك لعقلك بقدر الضعف لا يستنفذ مجهودا مضاعفا فأنت ببساطة بالغة تتعلم استخدام عقلك بشكل أكثر كفاءة محققا ضعف النتائج دون أي زيادة في الطاقة العقلية مقارنة بما قبل ذلك
.

هل جربت مرة وشعرت وأنت تتعلم أنك في كامل تركيزك وأنك تستطيع الحصول على المعلومات فورا ودون أي جهد بل وبدرجة من الابتهاج تجعلك ترغب في مواصلة التحصيل حتى تنهار من شدة التعب؟ هل جربت وشعرت أنك في كامل قدراتك العقلية وما أن تنظر للكلمة حتى تحفظها؟ هذه الحالة تسمى حالة التعلم المثلى في حين يسميها بعض العلماء " قمة الأداء " ويسميها البعض الآخر " حالة التدفق الذهني ".
قد يساورك الشك في أنك لم تخض مثل هذه التجربة من قبل ولكن إذا استعرضت شريط حياتك فستتذكر لا ريب مرة واحدة على الأقل كنت في مثل هذه الحالة ولكن المشكلة أنها نادرا ما تأتي. وقد تتمثل هذه الحالة في ورشة عمل
، أو كتاب لامع 
، أو محاضرة مثيرة ،بدا لك أنك تفهم كل كلمة يقولها المحاضر ، بل تتوقع ما سينطق به من كلمات ، وتشعر بصفاء ذهن غير عادي .الوصول لحالتك التعليمية المثلى :
لم تعد " حالة التعلم المثلى " أمراً عشوائياً 
، يأتي و يذهب أحياناً وقتما يشاء . بل أفضل ما تحقق أن أصبح في استطاعتك أن تدخل إلى " حالة التعلم المثلى " في أي وقت تراه بقليل من التحضيرات الأولية المسبقة ، كما يمكنك تعلم أسلوباً تقنياً خاصاً لاسترجاع المعلومات عقب أي وضع تعليمي قد يفاجئك دون تحضير مسبق كما لو كنت مطبقاً لقواعد " حالة التعلم المثلى " .
فنتيجة لجهود نتميهالي ورفاقه 
، تمكن العلماء من ربط " حالة التعلم المثلى " بموجات ( ثيتا ) وقد بينت الفحوص التي أجريت بجهاز " الموجات المخية " أنه عندما يكون تعلمنا في قمته ، فإن المخ يبث موجات كهرومغناطيسية في النطاق الذي يتكون من أربعة إلى سبعة أشواط في الثانية الواحدة ، والمعروف بنطاق أشعة ( ثيتا ) . ومن المعلوم أن معظم الحالات الرئيسية لمرحلة الوعي اعتباًر من النوم إلى الوعي التام تبث أشعتها المخية الخاصة بها .

و تتدرج أشعة المخ عادة من الأبطأ إلى الأسرع كما يلي 
: 1ـ موجات دلتا ( 1ـ 3 أشواط في الثانية ) ـ مرحلة النوم العميق بدون أحلام
: 2ـ موجات ثيتا ( 4ـ 7 أشواط في الثانية ) ـ العواطف المتأججة أو التركيز
: 3ـ موجات ألفا ( 8ـ 12 أشواط في الثانية ) ـ الاسترخاء و التأمل
: 4ـ موجات بيتا ( 18 ـ 40 شوطا في الثانية ) الإدراك الواعي و الأحلام .

و تكمن مشكلة الساعين إلى الوصول " الحالة التعلم المثلى " في الافتقار إلى أي طريقة معلومة يمكن لأي فرد أن يشغل بها عن عمد فتيل موجات ثيتا ( 4ـ7 أشواط في الثانية ) 
، وهو موضوع أصاب الباحثين بالإحباط لعدة سنوات قبل أن يلاحظوا شيئاً يبعث على الاهتمام . تمثلت هذه الملاحظة في أن أشعة ثيتا بحالة التعلم المثلى و أشعة ألفا المرتبطة بالاسترخاء العميق يقعان جنباً إلى جنب و بفارق شوط واحد فقط في الثانية فيما بينهما . و في العادة فإننا نفكر في كل من الإبداع المكثف و الاسترخاء الهادئ كأنهما شيئاه مختلفان تماماً . غير أنه في ضوء نطاقي شوطيهما في الثانية الواحدة يتبين بكل جلاء أن المكونات العقلية في حالة الاسترخاء العميق و حالة التركيز على ارتباط وثيق . و النقطة الرئيسية في هذا الأمر أن أشعة ثيتا الخاصة بحالة التعلم لا يمكن استحضارها عن وعي في حين يمكن ذلك بالنسبة لحالة الاسترخاء العميق . ونظراً لأن الفارق بين الحالتين هو شوط واحد فقط في الثانية ، فقد حفز ذلك على وضع أسلوب ثلاثي الخطوات يتم بمقتضاه دفع الجسم والعقل إلى حافة " حالة التعلم المثلى " ثم إبطاءها بحيث أن الشوط الواحد الزائد البالغ الأهمية في الثانية الواحدة هو الذي يضطلع بتنشيط حالة التعلم المثلى ذاتها . و الخطوات الثلاث هيالخطوة الأولى التنفس العميق:
هناك كم هائل من التجارب والبراهين العلمية تؤكد أن بوسع التنفس العميق إيجاد الظروف التي تستند إليها في الأساس جميع تجارب التعلم الأمثل. فالتنفس العميق يزيد من كمية الأكسجين المتاحة للمخ كما يعمل على استرخاء الجسد وتخليص العقل من التوتر.

الخطوة الثانية: الاسترخاء و التأمل:

يساعدك على تنقية مخك من الأفكار التي تشتت تركيزك.
الخطوة الثالثة: التأكيدات الإيجابية:
فالتأكيدات لها من القوة ما يضمن جعل عقلك يتحول إلى حالة التعلم المثلى تماما كالقوة الكامنة في الأمر الصادر إلى الحاسب الآلي للانتقال من برنامج إلى آخر. مثال للتأكيدات 'إنني متعلم لا يشق له غبار ولله الحمد' – 'إنني أجتاز حالة التعلم المثلى بفضل الله'

الأحد، 27 نوفمبر 2016

التدفق : هي حالة من نسيان الذات والغرق في عمل يملك كل إنتباه المرء وحواسه حتى يكاد لا يشعر بالعالم الخارجي من حوله، وتدعمه تدفق من العواطف الإيجابية مليئة بالطاقة والحيوية تعمل جميعها على صرف انتباهه تجاه العمل الذي يقوم به.
يكتنف الإنسان في هذه اللحظات شعور بتوقف الزمن، وإحساس داخلي بالبهجة، وقدرة خارقة على التركيز والمهارة في الأداء، وتحول الصعب إلى أمر يسير. ويغيب عنه الإهتمام بالكيفية التي يُؤدي بها العمل أو التفكير في النجاح أو الفشل لأن مشاعر السرور والبهجة بالعمل نفسه هي فقط التي تحركه وتحفزه و   كما ذكر أحد الكتّاب أن جراحاً أصابته الدهشة عندما وجد أن جزءاً من التركيبات في غرفة العمليات قد تهدم دون أن يشعر، حين كان يقوم بإحدى العمليات الجراحية المعقدة، وكان يعيش حالة التدفق الشعوري والتي منعته من الإنتباه إلى ذلك أثناء العملية.
أحد أهم العلماء الذين انشغلوا بدراسة (التدفق الشعوري) هو عالم النفس ميهالي شيكسنتميهاي. درس هذا العالم ظاهرة التدفق ووصل إلى أن الدخول فيها يحتاج إلى المتطلبات الآتية:                                                                                                                                                                   
* حب العمل الذي ستقدم عليه، والشعور بالبهجة العارمة والحماس المتقد أثناء القيام به. إذ لا يمكن أن تصل إلى مرحلة التدفق الشعوري أثناء أداء عمل لا تحبه ولا تعشقه. فالبداية إذن في خلق الإهتمام، والرغبة الجامعة في أداء العمل، والإستمتاع به. وسيساعدك في ذلك أن تسأل نفسك: ما هو العمل الذي تود أن تجد نفسك منغمساً فيه وتتمنى أن لا ينتهي؟
في دراسة لـ (200) من الرسامين بعد 18 سنة من تخرجهم من كلية الفنون تقرر أن الفنانين الذي تذوقوا واستمتعوا ببهجة الرسم ذاتها هم الذين أصبحوا فيما بعد رسامين جادين لهم ووزنهم. أما هؤلاء الذين كان دافعهم في الإلتحاق بكلية الفنون، تحقيق الشهرة والثروة فقد انسحب معظمهم من مجال الفن بعد تخرجهم. ولذا تنتهي الدراسة إلى أن: (يجب أن يكون هدف الرسامين هو الرسم ولا شيء آخر).
* تركيز الإنتباه الحاد على العمل الجاري وفي اللحظة الحالية وليس على الماضي (أخطاء) أو على المستقبل (مكاسب). فالتركيز العالي هو جوهر التدفق. وهذه الخطوة تتطلب قدراً من الجهد، لكن ما إن يصل المرء إلى مرحلة التدفق حتى تنطلق قوة دفع ذاتية تؤدي إلى القيام بالعمل بكل هدوء ودون جهد عصبي يذكر.                                                                                           * الشعور بالتحدي: فالأعمال السهلة تبعث فينا الملل، والأعمال شديدة الصعوبة أو التي نجهل كيف تؤدي تسبب لنا القلق والإرتباك. بينما الأعمال التي تتجاوز حدود قدرتنا وتشكل تحديا معقولاً قد تكون هي الأنسب كعامل مساعد للوصول إلى حالة التدفق. ولذا يُنصح بتقسيم المشروعات الضخمة إلى أعمال جزئية صغيرة تساعد على قوة التركيز وبالتالي الوصول إلى مرحلة التدفق وقمة الأداء